و الله لأنا اشعر منك ومن ابيك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسعد الله اوقاتكم بكل خير
اضع بين ايديكم هذه المقتطفات من اخبار الشعراء والشعر
كانت تضرب للنابغة الذيباني قبة من أدم بسوق عكاظ فتأتيه الشعراء فتعرض عليه اشعارها ففي احدى السنين فعل به ذلك فأول من انشده الاعشى( ابا بصير) ثم حسان بن ثابت ثم انشدته الشعراء ثم انشدته الخنساء بنت عمرو بن الشريد قصيدتها التي فيها ترثي صخراً:




وان صخراً لتأتم الهداة به
كأنه علم في راسه نـار




فقال النابغة والله لولا ان ابا بصير انشدني آنفاً لقلت انك اشعر الجن والانس
فقام حسان وقال والله لأنا اشعر منك ومن ابيك . وفي رواية ( فقال حسان انا والله اشعر منك ومنها ومن ابيك ) فقال النابغة حيث تقول ماذا قال حيث اقول:




لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى
واسيافنا يقطن من نجـدة دمـا
ولدنا بني العنقاء وابني محرق
فأكرم بنا خالاً واكرم بنا ابنمـا



فقال له النابغة انك شاعر ولكنك اقللت جفانك واسيافك وفخرت بمن ولدت ولم تفخر بمن ولدك _ يعني ان الجفنات لأدنى العدد والكثير جفان . وكذلك اسياف لأدنى العدد والكثير سيوف . وقلت بالضحى ولو قلت يبرقن بالدجى لكان ابلغ من المديح لأن الضيف في الليل اكثر . وقلت يقطرن من نجدة دماً فدللت على قلة القتل ولو قلت يجرين لكان اكثر لأنصباب الدم . ولن تستطيع ان تقول:




فأنك كالليل الذي هـو مدركـي
وان خلت ان المنتأى عنك واسع
خطاطيف حجن في حبال متينـة
تمـد بهـا أيـدٍ إليـك نـوازع



فرضخ حسان لقوله.

وقال الشعبي: دخلت على عبد الملك بن مروان وعنده رجل لا اعرفه فألتَفَتَ اليه عبد الملك فقال: من اشعر الناس؟ فقال: انا، فاظلم ما بيني وبينه . فقلت: من هذا يا امير المؤمنين ؟ فتعجب عبد الملك من عجلتي! هذا الاخطل ، فقلت : اشعر منه الذي يقول:



هذا غـلام حسـن وجهـه
مستقبل الخير سريع التمـام
للحارث الاكبر والحارث الاع
رج والاصغـر خيـر الانـام
ثـم لهنـد ولهنـد وقــد
اسرع في الخيرات منهم امام
فستـة آباؤهـم مـا هـم
اكرم من يشرب صوب الغمام



فقال الاخطل : صدق يا امير المؤمنين ، النابغة اشعر مني
وكان النابغة مهيباً وقدم المدينة فأنشد الناس قصيدته عندما راي زوجة النعمان في مجلسه وهي:




من آل مية رائح او مغتد
عجلان ذا زادٍ وغير مزود


وكان (اقوى فيها) فما تجاسر احد ان يقول له . فأتوه بقينة فغنت منها:




سقط النصيف ولم ترد اسقاطه
فتناولتـه واتقتـنـا بالـيـد
بمخضب رخص كـأن بنانـه
عتم يكاد من اللطافـة يعقـد


فمدت القينة صوتها (باليد) فصارت الكسرة ياء ومدت يعقد فصارت الضمة واواً فانتبه النابغة الي ذلك
ولم يعد الي الاقواء
وغير قوله :_ يكاد من اللطافة يعقد (( وجعله)) ... عتم على اغصانه لم يعقد.
وقال دخلت يثرب وفي شعري بعض العاهة فخرجت منها وانا اشعر الناس.

ومن هذه المقتطفات عن اشهر الشعراء واخبارهم امثال . حسان بن ثابت والنابغة الذبياني والخنساء والاعشى والاخطل
نلاحظ ان هناك من الشعراء من يرى نفسه الشاعر الافضل ولا ينافسه احد في قول الشعر ولا يتقبل آراء الاخرين في تفضيلهم غيره وقد يشكك في قدراتهم وشعرهم ومصداقيتهم ويسمر على هذا النهج ومنهم من يقتنع بوجهات الاخرين ويتقبلها بصدر رحب
وهناك من الشعراء من يتقبل النقد ويعمل به ويستفيد منه ويعدل اخطائه .
ايضا هناك من يجامل الشعراء خوفاً منهم او بحثاً عن مصلحه او ضعفاً في مستواه الثقافي
ولقد لاحظنا ان حساناً كابر في مدح نفسه وعندما ادرك عيوبه اقتنع
كذلك لاحظنا اعتداد الاخطل وزعمه انه افضل الشعراء وسرعان ما اعترف ان هناك من هو اشعر منه
واما جمهور الشعر قرانا لهم هنا ما حدث في قصيدة النابغة في زوجة النعمان ..والخوف من اخبار النابغة بالخطا الذي وقع فيه في قصيدته المذكورة ..

واخيرا اتمنى ان ينال رضاكم ما كتبته